مُدَونَة د. حُسَام عَقْل

25‏/08‏/2018

أحمد خالد توفيق.. «يوتوبيا» الأغنياء وسحق الفقراء


ثبت بالمؤشرات الكثيرة، أن الدولة لم تستخف يومًا (دم) الروائى الكبير أحمد خالد توفيق، ولم تسترح مطلقًا إلى أفكاره التى استوطنت عقول الشباب ووجدانهم، الذى تشكل منذ الثمانينيات فى رحاب روايات "خالد توفيق" ونصوصه الممتعة المدهشة، ولا أدل على ما أقول من أن الدولة المصرية لم تقم "جنازة رسمية" لخالد توفيق، وشن عليه أبواقها الإعلامية، حملة ضخمة _ عقب رحيله _  وأطل "عمرو أديب" من نافذته الإعلامية المصحوبة بالضوضاء متسائلًا بعد رحيل "خالد توفيق": ".. لماذا اتشح "الفيسبوك" بالسواد هكذا؟ وما السر العجيب فى مظاهرة الحب _ الشبابية أساسًا! _  التى انفجرت على الفضاء الأزرق كعاصفة الخماسين، تجدد ولاء الحب وزهوره للروائي الكبير صاحب روايات: "شآبيب" و"ممر الفئران" و"مثل إيكاروس" (الفائزة بجائزة الشارقة عام 2016) و"السنجة"؟! "كان تساؤل" عمرو أديب "المستنكر جزءًا عضويًا من موقف السلطة المتشكك فى "خالد توفيق"، الذى زادت مؤلفاته على مائتي مؤلف، توزعت على ست سلاسل تقريبًا. 
ويتصور كثيرون أن "خالد توفيق"، الذى لم تقم له أية مؤسسة ثقافية رسمية  فى مصر حفل تأبين لرثائه، أقول يتصور كثيرون أنه برع فقط فى (أدب الرعب) أو (أدب الخيال العلمى)، دون أن يدروا أن الروائى الكبير الراحل، كان معنيًا بقضية (الأغنياء والفقراء) فى مصر، وأنه تحدى نقاده، برواية مميزة كتبها عام 2008 بعنوان: "يوتوبيا" (دار ميريت). 
وهى أول رواية اجتماعية له _ وقد حصلت على المركز الثانى فى قائمة أكثر الكتب مبيعًا عام نشرها _ ويتخيل فى روايته البديعة، أن مصر عام 2023، ستتحول، بصورة إلى طبقتين متعارضتين متعاديتين، "طبقة ثرية" ستلجأ إلى مدينة كبيرة محصنة بالأسوار، ويحرسها مسلحون أشداء فى احترافية المارينز وقوتهم، والأخرى طبقة فقيرة معدمة، تعيش فى العشوائيات، وتبتلع إحباطها وأحلامها المكسورة المجهضة! ويفصل بين الطبقتين سور مرتفع، يحمى الطبقة الأولى المرفهة من أية هبات شعبية كبيرة، يمكن أن تشنها الطبقة الثانية، الساكنة فى القاع!.
لفتت رواية "يوتوبيا"، القائمة على النبوءة الكابوسية، بشكلها الطبقى المرعب، أنظار كثيرين، ودفعت الفكرة التى طرحها "خالد توفيق" كثيرين إلى أن يذهبوا، فى تصور استمرار الشق الطبقى بين الأغنياء والفقراء فى مصر، إلى مدى يربط التصور بمزيد من الرؤى الكابوسية، المؤسسة على التطاحن أو الصراع الضخم الدامى، من أجل لقمة الخبز والسكن والعلاج الطبى الآدمى والعمل وفرص الحياة! وبرغم من نجاح "خالد توفيق" فى تحقيق التميز اللافت، من خلال سلسلة "ما وراء الطبيعة" (80 عددًا) و"فانتازيا" (64 عددًا) و"سفارى" (52 عددًا) وغيرها من الأعمال الإبداعية الناجحة، فإن رواية "يوتوبيا" _ التى تحمل مذاقات التحذير والنبوءة _ ظلت تمثل إغراءً لكثيرين، فحصدت أعلى نسب القراءة بين المصريين _ ومازالت _ حيث ينتعش حلم رأس المال السياسى فى مصر، بأن يقيم فى قلعة محصنة معزولة، بعد أن وثق بفعل ممارساته الاحتكارية، من أن الكثرة المطلقة من المصريين (ملح الأرض)، معبأة بكراهية تاريخية متكتلة ضده وجاهزة للانفجار فى أى وقت! ولا مفر من الاعتصام بالمدينة/ القلعة، "يوتوبيا" الأغنياء التى تضمن لهم الحماية والمستقبل من غضب الفقراء ونقمتهم المكتسحة القادمة!.
يتجدد الكلام عن رواية "خالد توفيق" ذات الطابع التنبؤى، كلما تجدد الكلام _ بالتوازى _ عن فلسفة العاصمة الإدارية الجديدة واستراتيجياتها ومغزى المبانى المتنوعة والمرافق التى تقام على أرضها، وثمة تصريحات خرجت من بعض القيادات، بأن هنالك نية لنقل خمسين ألف موظف إلى العاصمة الجديدة، العام المقبل، دون أن يخبرنا أصحاب هذه التصريحات: من هم هؤلاء الموظفون؟ وما نوعية وظائفهم؟ وهل ينتمون للطبقة المتوسطة أم الطبقة الأرستقراطية، العائشة فى البرج العاجى؟ ولا جدال أن تآكل خطاب العدالة الاجتماعية، وضغوط السياسات الاقتصادية المتبعة الآن، التى حطمت ضلوع البسطاء، ومزقت عظامهم، قطعة قطعة، كل أولئك كان مسئولًا عن الربط بين "يوتوبيا" خالد توفيق، وفلسفة العاصمة الإدارية الجديدة، خصوصًا مع شح المعلومات المتاحة عن هذا البنيان، الذى مازال غامضًا لقطاع كبير من المصريين!.
حذر الجيولوجى المصرى الكبير، المفكر د. "رشدى سعيد"، من انحدار مصر تدريجيًا، إلى هاوية كتلتين كبيرتين، لا تطيق إحداهما الأخرى، إحداهما يسميها بـ"الكتلة الغاطسة" _ وكأنها مختنقة تحت الماء! _  وتمثل 86 بالمائة من المصريين، ولا تنال سوى 26 فى المائة من الناتج القومى! فيما تتمتع الكتلة الثانية، ويسميها "الكتلة الطافية" بكل المزايا والأفضليات، حيث تتحصل هذه الطبقة الطفيلية، وتقدر بـ14 فى المائة من المصريين على ما يقارب 74 فى المائة من مجمل الدخل القومى! (راجع د. رشدى سعيد: "الحقيقة والوهم فى الواقع المصرى"/ ص 15 وما بعدها/ دار الهلال 2002 ).
هاجس الكتلتين المنفصلتين _ طبقيًا _ فى مصر يتسع ويتأكد مع استمرار ضرب الناس فى الخلاط بهذه الصورة الارتجالية، بالغة القسوة، ومع كل ارتفاع جنونى أو عشوائى فى سعر سلعة أو خدمة أو مرفق، يقرأ الملايين الفاتحة على روح "خالد توفيق"، الذى خلد مخاوف الفقراء وهاجسهم، من خلال رائعته: "يوتوبيا" التى دخلت عدة أعوام فى قائمة (الأفضل مبيعًا) Best seller. 
وقد تذكرت فى هذا السياق، ندوة أدرتها قبل ثلاثة أعوام تقريبًا للمفكر الكبير الراحل د. "السيد ياسين"، حيث رفع يديه إلى جوارى فى الهواء صارخًا، بصورة ارتجت لها القاعة: "إن رأس المال فى مصر يتحصن بوضوح خلف أسوار!.." وبين صرخة السيد ياسين ونبوءة "خالد توفيق" فى "يوتوبيا" وأسئلة العاصمة الجديدة، تترسخ الأسئلة المتنامية حول المدى الذى يمكن أن تصل إليه الطبقة المتوسطة والدنيا، فى تحمل مزيد من الضغوط الرهيبة، التى أطبقت على عظام الظهر، وأوشكت أن تمزق تمامًا فقراته القطنية وأنسجته الصارخة بالألم!.

30‏/07‏/2018



قسمتى.. ونصيبى!

العدد الصادر فى 2018/07/27

بمرور الوقت، تتسع مساحة الانقسام المجتمعى فى مصر بصورة هيكلية خطيرة غير مسبوقة، وتتعاظم عوامل التنافر المحزن بين مكونات المشهد المصرى وفئاته، وتتوطد رقعة الحقد والكراهية السوداء المتمكنة من القلوب بين أطياف المشهد (المنشق على ذاته) وتياراته المتعادية (ولا أقول المتعارضة!) بعد أن ضرب فيروس الانقسام السياسى والإيديولوجى العميق طول البلاد وعرضها، وتحولت الفضائيات المعبرة عن هذا الانقسام إلى قذائف سباب مركز موتور، كما تحولت المساحات الصحفية المجسدة لهذا التعارض الشامل بين الأطياف إلى نشرات حقد أسود لوث الوطن، وملأ النفوس شكًا وسوء ظن لدرجة أن أى نقاش عارض بين اثنين يمس القضايا العامة _ ولو من بعيد _ لا يلبث بعد عشر دقائق، لا أكثر، أن يتحول إلى معركة صاخبة متهوسة مفتوحة بلا سقف يمكن أن تتمزق معها الملابس أو تشهر المطواة!. وفى إطار هذا الشق المشبع بالعداء، والاستقطاب المتصاعد تحولت خطابات التيارات السياسية الأساسية فى مصر إلى أبواق ناعقة عنصرية، تنادى بالاستئصال والاقتلاع! وبقى سؤال العقلاء مع هذا المد النيرانى من البغض والتربص، الذى يعكسه حجم التلاسن السياسى والإيديولوجى الرهيب على "الفيسبوك": "كيف سيتعايش الفرقاء مجددًا؟! وبأية وسيلة؟! ومن لديه _ الآن _ القدرة على ترسيخ واقع المصالحات والانفراجات الوطنية، بعد أن أنهكت الوطن المعركة الصفرية المفتوحة منذ سنوات؟! وهل "الاستئصال الكامل" لهذه الفئة أو تلك، أمر ممكن نظريًا؟! وهل أمكن هذا الاستئصال فى الماضى تاريخيًا ليشكل سابقة محل احتذاء أو اقتداء؟! وهل ثمة أجنحة داخل السلطة، أو داخل التيارات المدنية المعارضة المختلفة، تؤمن من الأصل بـ"إمكانية الانفراجات الوطنية" أم أننا أمام (خرافة العنقاء) التى تحدثت عنها الأساطير القديمة؟!. تمضى أسئلة "الانفراجات الوطنية" لتشكل هاجسًا أساسيًا للمرحلة، بعد أن شاخت خطوات الوطن بصورة ملحوظة بفعل الانقسام، وتقلصت إمكانات مصر السياسية والتنموية والدولية، كما لا يخفى على أى مراقب، فى كل المستويات والأصعدة، بل أوشك مفهوم "الأمة" أو "العائلة الواحدة" أن يتآكل، بعد أن تمكنت المشروعات الاستئصالية من الأدمغة والعقول بهوس عدائى لم تعرفه مصر يومًا، بفعل ترسخ الخطاب التحريضى الإعلامى الذى عكر الفضاء المصرى بالسم الزعاف، وأقنع شريحة من الرأى العام بإمكان استبعاد ثلث المصريين مثلًا وسحقهم، ليعيش الثلثان المتبقيان فى رحاب الفقه المتهوس الجديد، الذى يراد تصديره لنا باعتباره حلًا، باستدعاء سردية "المشرط" الذي يسيل دمًا ليعالج، ولا مفر من شق الجلد بنصله المسنون، فبدونه لا يكون العلاج! وينسى الماضون فى معركة "الثلث" و"الثلثين" (المعركة المفترضة أو الوهمية!)، أن ثمن المعركة يمكن أن يكون تحول الأرض التى نقف فوقها إلى "أنقاض وخرائب" عديمة النفع، تتجول فيها الغربان!. حاول الروائى الكبير الراحل "نجيب محفوظ" (1911 _ 2006)، أن يقرأ المستقبل، بقرن استشعاره الرهيف، وينبه الكتلتين الكبيرتين فى المشهد المصرى، إلى حجم الأزمة القادمة الضخمة، التى لن تعالج بغير الانفراجات الوطنية والترسيخ لمنهجية التعايش لا الاستئصال، وأقصد بـ"الكتلتين الكبيرتين" (التيارات الإسلامية المختلفة) من وجه، و(التيارات الليبرالية واليسارية والقومية والناصرية) من وجه آخر، فقدر الكتلتين _ فيما يرى "محفوظ" _ أن تتعايشا بنظرية (العقد الاجتماعى) التى ترسخ القواسم المشتركة ونقاط الاتفاق _ لا الاختلاف! _ لتتمكن السفينة من الإبحار، وبدون هذا التعايش، فلا أمل للسفينة فى أية توقعات للنجاة، وقد بلور "نجيب محفوظ" رؤيته فى قضية التعايش بين الفرقاء فى قصة ملهمة عجيبة له بعنوان: "قسمتى.. ونصيبى!" _ من مجموعته القصصية: "رأيت فيما يرى النائم" _ وتحكى القصة أن "محسن العطار" أنجب ولدًا عجيبًا بجسم واحد ورأسين! فاضطر الأبوان إلى التعامل مع التوأم الملتصق، بمنطق مراعاة الاختلاف الفكرى المفهوم بين الرأسين، والتوحد في الأدوات فكلاهما يمتلك بطنًا واحدة وذراعين مشتركتين، ورجلين لا أربعًا! وأطلق الأبوان على صاحب الرأس الأولى "قسمتى"، وعلى صاحب الرأس الثانية "نصيبى"، ومضى الأخوان الملتصقان، بفكرين مختلفين، وأدوات مشتركة واحدة، يشقان طريقهما بصعوبة شديدة في الحياة، واختلفا كثيرًا على بعض الملفات والقضايا، فتعاركا بالأيدى واشتبكا بعنف "فدميت شفة (نصيبى)، وورمت عين (قسمتى)"، وتمنى كل منهما الموت للآخر، ليخلو له الجسد، بإمكاناته المتاحة، وظل الأب "محسن العطار" يتذكر نصيحة الطبيبة، التى تولت، منذ البداية، توليد التوأم الملتصق: ".. انفصال جزء عن الجزء الآخر مستحيل..!" وعاش كلاهما _ كما يقول "محفوظ" _ "نصف حياة، وتعلقا بنصف أمل"!. وفجأة مرض "نصيبى" مرضًا خطيرًا، لا ينفع معه طب ولا عطارة، وأدرك "قسمتى" حجم الكارثة القادمة، بعدم قدرته على إدارة إمكانات الجسم المشترك منفردًا، مع أنه كان يتمنى طول الوقت موت الرأس المصاحبة، وعندما رحل "نصيبى" عن الحياة أيقن "قسمتى"، "أن الحرية التى حظى بها وتمناها (بقتل الآخر!) ليست إلا وهمًا "ف" جفت ينابيعه "وهتف بهلع ورعب: "إنى أنتظر الموت..!". ويبدو أن حزبى "قسمتى ونصيبى" فى مصر لم يفهما رسالة محفوظ، ولعلهما لم يفهماها حتى الآن، فالأمم المحترمة لا تعالج الفروق الفكرية والإيديولوجية، بمدفع الاقتلاع والاستئصال، بل تعالج هذا الواقع الاستقطابى بما يسمى فى أدبيات السياسة الحديثة بـ"مشروع العدالة الانتقالية"، كما صنعت الأرجنتين والبرازيل وتشيلى وتيمور الشرقية ورواندا وغيرها من البلاد، التي أنهت واقع الشق والاستقطاب والاحترابات الداخلية، بنماذج العدالة الانتقالية، التى تكرس تعايش الفرقاء، وتصنع للجميع مستقبلًا مشتركًا، لا ينقسم فيه الشعب إلى "أهل خير" و"أهل شر"! وكان من أكثر نماذج العدالة الانتقالية نجاحًا نموذج "جنوب إفريقيا"، التي أنهت عقود الاحترابات والعداء الأسود بين البيض والسود، بمشروع عدالة انتقالية رفيع، قاده سياسى متسامح مثقف مفعم بالخيال السياسى الخلاق (نيلسون مانديلا)، ورجل دين مستنير معطاء محب للجميع (القس ديزموند توتو). في مصر كثيرون مستعدون _ بكامل جهوزيتهم _ ليقوموا بأدوار مانديلا وتوتو فى إقرار الانفراجات الجادة، شريطة أن تتراجع أجنحة العداء المتهوس، وتصمت أبواق التحريض، ويوقن الجميع أن ألسنة النيران ليست جزءًا من الماضى، ولكنها امتدت، لتأكل خيوطًا من المستقبل، الذى يخص أولادنا! هل وصلت الرسالة هذه المرة بوضوح؟! كلاكيت للمرة المائة: موت "قسمتى" أو "نصيبى" ليس حلًا، لكنه بداية النهاية!.

17‏/07‏/2018




وزيرة الصحة.. منطق الإصلاح ومنطق القربان

العدد الصادر فى 2018/07/13

لا أعرف _ بصورة شخصية _ وزيرة الصحة الجديدة د / " هالة زايد " ، و ليس لدي من الوسائل و الأدوات و الخلفية المسبقة بنشاطها و جهودها ، ما أستطيع به الحكم على " أدائها " المهني / الإداري التنظيمي ، فضلا ً عن أن قصر المدة التي قضتها في رحاب " الحقيبة الوزارية " الجديدة _ حتى الآن _ لا تمكنني أو تمكن غيري ، بأية صورة من الصور ، من الحكم على أدائها و مدى قدرتها على إصلاح مناطق العوار في وزارتها المتخمة بالأزمات الهيكيلية الكبرى ، المثقلة بالأوجاع ، ووزارة الصحة هي _ في جوهرها _ وزارة " الوجع " أو بالأدق وزارة " التصدي للوجع " العضوي ، و هو منبع مميز من منابع الهم العام للمصريين ، الذين تنوشهم داءات السكر و الضغط و فيروس الكبد " سي " و النقرس و سوء التغذية و السرطان بتأثير تسمم البيئة و الغذاء و نوع المياه ! و لكنني أعرف أن العمل الإصلاحي الكبير عمل صامت في حقيقته ، لا يتعين أن تصاحبه ربابة ، أو تواكبه دفوف و زفات قائمة على الضجيج ، أو تسير في ركابه ميكروفونات غوغائية تصم الآذان و لا تقدم للمرضى كبسولا ً أو حقنة ضرورية أو جهازا ً علاجيا ً جديدا ً يرفع عنهم الكرب و الآلام !قررت وزيرة الصحة الجديدة _ فيما يبدو _ حرق المراحل للفت الأنظار إلى " منجزها الوهمي " ، الذي لا مؤشرات واضحة له حتى الآن ، و لا يكون لفت الأنظار إلا بنقر طبلة ضخمة تصم الأذن ، أو الدق على ربابة كبيرة لإجبار الجميع على الالتفات إلى وجودها ( الجديد ) ، كما يصنع البسطاء من الريفيين في الأعراس ، فيطفوفون بالدفوف و الزفات شوارع القرية ، كصورة دعائية ، تلفت أنظار الدور و البيوت إلى العرس الجديد و صاحبه ، و لا جدال أن لإخوتنا و أهلينا في الريف ، عشرات المبررات و الأعذار لتصدير بهجتهم ( المشروعة ) إلى الجميع ، و اقتناص لحظات السعادة بصورة صوتية لافتة ، من قبضة مرحلة زمنية عصية شحيحة بالبهجة ، حافلة بكل أسباب التعاسة و الحزن ، و لكن ما عذر المتنفذ القيادي في موقعه ، في أن يحاكي طريقة البسطاء في التعبير الصوتي المبالغ فيه ( بالديجيهات الصاخبة أحيانا ً ! ) للفت الأنظار إليه ، بالنظر إلى أن صميم عمل المسئول القيادي لا يفترض لفت الأنظار من الأصل ، بل رسم الخطط و الاستراتيجيات المحكمة ، و تنفيذها بصرامة و تفان ٍ لإصلاح منظومة مهلهلة مبعثرة الأطراف ، خصوصا ً في قطاع كقطاع الصحة ، يمثل واحدا ً من أسوأ ملفات المرحلة ، حيث تمر الخدمة الطبية في البلاد بمنحدر خطير ، بغياب التحديث و المهنية و التمويل و القيادات المتمتعة بالكفاءة و المؤسسات العلاجية المحترمة ، بما عرض ملايين المصريين للموت الحقيقي ، بسبب سوء المناخ و الخدمات و التضخم و ضيق ذات اليد ، و ترسخ ملامح الكارثة الاقتصادية المتكاملة !استهلت وزيرة الصحة الجديدة ، فترة وزارتها ، بتنحية كل الملفات الضخمة في وزارتها المثقلة بالوجع ، و التفرغ لاستصدار قرار عجيب _ غير مسبوق في مصر أو العالم أو حتى كوكب المشتري ! _ بتعميم إذاعة " السلام الجمهوري " و " قسم الأطباء " ، داخل المستشفيات الحكومية و أمانة المراكز الطبية ، لمضاعفة الشحنة الوطنية للمرضى و الأطباء و الفنيين و التمريض ! و لم أملك نفسي من الضحك المتصل حين سمعت الفنان المعروف " عادل إمام " يتساءل معقبا ً على قرار الوزيرة : " هل سنعزف السلام الوطني للمرضى و هم يدخلون المستشفى ، أم نعزف لهم أيضا ً عند الخروج بعد الشفاء ؟! " كما اتصلت موجات السخرية الشاملة الحزينة المريرة على رقعة الفضاء الأزرق ، حيث تساءل أحدهم في تغريدة : " هل سنعزف أيضا ً في مستشفيات الولادة _ كل ساعتين _ موسيقى " حلقاتك .. برجالاتك ! " عقب كل ميلاد لطفل ؟! و هل سنعزف في المشرحة _ مع كل وصول لجثة جديدة _ أنشودة : " .. الله دايم .. و لا دايم غير الله ! " و بالجملة هل سنختزل كل أزماتنا إلى مجرد " أزمات صوتية " ليصبح العلاج و التصدي للأزمات _ بدورهما _ مجرد " ظواهر صوتية " مصاحبة ، مضخمة بالديجيهات ، تعفينا من المواجهة و التصدي الميداني الملموس للأزمات ؟! أناشدكم التوقف عن إهانة مصر ، التي احترم طبها يوما ً " أبقراط " و رعيل الأطباء الأوائل في تاريخ النوع الإنساني ، و اعترف بفضلها العلمي التاريخي ، أعرق المعاهد العلمية .. عيب أن تختتم هذه الأمجاد بدف و طبلة و صراخ صوتي هستيري لمجرد لفت الأنظار ! هل أرادت الوزيرة أن تقدم علاجا ً هيكليا ً جادا ً لأزمات وزارتها المهيضة ، أم أرادت أن تزايد على خطاب السلطة ، و تقدم قربانا ً يضمن الاستمرار ( السرمدي ) على كرسي الوزارة ، بما يبعد عن رقبتها شبح الإقصاء أو الإقالة ؟! و لمن كان هذا الإجراء أو القرار ؟ هل توجه للرأي العام المصري ؟ أم كان قربانا ً للسلطة ليصبح إفرازا ً لمرحلة ، أدمنت الصراخ و الديجيهات ، في غير نواتج ملموسة ، تزيح عن رقاب المصريين تروس الأزمة الطاحنة الشاملة ، متعددة الأبعاد ؟!و هنا أقول إنني _ في حدود معرفتي المتواضعة _ أدرك أن قرارا ً كإذاعة السلام الجمهوري في المستشفيات ، يقتضي تركيب " نظام إذاعة داخلية " في كل مستشفى ، و هو ما يكبد الميزانية _ الشحيحة أصلا ً _ مزيدا ً من الأعباء التي لا تتوافر لها بنود ، أفلا يكون من الأفضل أن نوفر مبلغ تمويل " الإذاعة الداخلية " ، لتأسيس نظام " إنذار مبكر بالحرائق " مثلا ً في كل مستشفى ؟! أليس هذا أجدى من ديجيهات الصخب و المزايدات ، حتى لا نعرض مصر إلى نسخة جديدة من حرائق " مستشفى الحسين الجامعي " مثلا ً ؟!ألم يكن من الأجدى للسيدة الوزيرة الجديدة ، أن تتحلى بالحزم و الشجاعة الجسور ، فتطالب مجلس الوزراء ، الذي تنتسب إليه ، باحترام الدستور المصري ، و عدم دوسه بالأقدام ، حيث علمنا أن هنالك تخفيضا ً حصل هذا العام المالي _ دون وجه حق _ في ميزانية وزارة الصحة ليصل بها إلى واحد و سبعة من عشرة في المائة ، فيما تنص المادة " 18 " من دستور 2014 على ألا تقل ميزانية وزارة الصحة عن ثلاثة في المائة ؟! أليس أجدى من رفع الأعلام بالسلام الجمهوري داخل أروقة المستشفيات ، التي يفترض فيها الهدوء ، أن نرفع أيدينا عن " صحة المصريين " المعتلة ، و نحترم دستورهم الذي خصص نسبا ً معينة للعلاج ، أزلناها ب " الكوريكتور " ( المزيل ) لنتلاعب بها و بصحة المصريين ؟ ماجدوى السلام الجمهوري هنا مع هذا الانتهاك الفاضح للدستور ، الذي لا يقل في قداسته في أنظمة الدولة الحديثة عن قداسة السلام الجمهوري و العلم ؟!تكريس كرامة مصر ، لا يكون بأن ننطق _ آليا ً _ مع كل أزمة مزلزلة تخلع القلوب : " تحيا مصر " ثلاث مرات لتخدير البسطاء و التعمية على آلامهم المميتة في عملية استغفال مهينة لعقولهم و مشاعرهم ، أو أن نعزف السلام الجمهوري في قاعات الانتظار بالمستشفيات لتصدير واجهة وطنية ديكورية دون مضمون من العمل و التجرد و الإنجاز و النزاهة ، و إنما تتكرس مكانة مصر بتوفير مستلزمات طبية و أدوات صالحة داخل كل مستشفى ، و توافر الأدوية فلا تقول إدارة المستشفى للمريض الذي يطرق بابها : " اذهب و اشتر الدواء من صيدليات الخارج ثم عد لنا ؟! " تكريس مكانة مصر يكون بأن نوفر خدمة طبية معقولة الثمن للمريض و نعامل الجميع بمساواة دون محاباة أو تحيز فلا يموت الفقراء المرضى الذين تم تنفيض جيوبهم بالزيادات المجنونة ، على أعتاب المستشفيات التي عجزوا عن دخول قاعاتها و مبانيها بسبب ضيق ذات اليد ! تكريس مكانة مصر الوطنية يكون بألا نفاجأ بأن نصيب الفرد المصري من العلاج _ في المتوسط للعام المالي الجديد _ سبعة و ثلاثون جنيها ً في الشهر ، و هي نسبة لا توجد في دول المجاعات الإفريقية أو جمهوريات الموز ، و معنى هذا أن المصري مطالب بأن يمرض مرة واحدة في العام " مرضا ً خفيفا ً " ليتمكن _ بالكاد _ من البقاء على قيد الحياة ! ! تكريس مكانة مصر الوطنية لا يصنعها " سلام معزوف " _ في كل دقيقة أو مكان _ لتصدير مجرد حالة صوتية ، ثم تفاجئنا إحصائيات العام المالي الجديد و بياناته الصحية ، بأنه على مستوى أسرة العناية المركزة مثلا ً ، يوجد سرير واحد لكل ستة عشر ألف مريض ( في الحضر ) و سرير واحد لكل عشرين ألف مريض ( في القرى ) ! أي كرامة وطنية لطبيب ، يتقاضى في المتوسط _ على نحو ما يتقاضى أطباء الاستقبال _ خمسة و أربعين جنيها ً مقابل اثنتي عشرة ساعة عمل في النوبتجيات المسائية ؟! أي كرامة يمكن أن تتبقى بعد هذا الإذلال ، أو يواريها عزف السلام الجمهوري في المستشفيات ؟! و في ملفات وزارة الصحة مئات الأمثلة الأخرى الناضحة بالكآبة ؟!إذا كانت بعض مراحل مصر قد أنتجت حالة من " التدين الشكلي " دون إصلاح القلوب ، فإن المرحلة الراهنة قد أنتجت _ بضجيج إعلامها الصارخ دائما ً ، المحرض على طول الخط _ حالة موازية من " الوطنية الشكلية " التي تقوم _ في أساسها _ على الصراخ و ثقافة الديجيهات ! و ردا ً على بعض المتبنين لمنهجية " تقديم القربان " قال " أبو هريرة " _ رضي الله عنه _ : " أمرنا رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) أن نحثو في وجوه المداحين التراب " ، و اكتشفنا مع تطور الزمن أن هناك " مدحا ً متملقا ً " ، لا يكفيه تراب الأرض كلها ؟!


04‏/07‏/2018



لغز المواطن (الزومبى)..!



فى أدبيات الخطاب السينمائى الحديث، ابتكر المؤلفون ومبدعو "السيناريو"، شخصية "الزومبى" Zombie، العائد بعد موته، أو "الجثة المتحركة"، بتبلد وانعدام واضح لمظاهر الحياة فى الجوارح والأطراف وتعبيرات الوجه، ويتلاحظ لنا فى حركات الإنسان/ الزومبى، الآلية والميكنة وتحجر العين وكأنها قطعة زجاج، وتبدد أى انفعال أو تأثر أو أحاسيس منطبعة على الوجه، ويشيع نموذج الزومبى فى الآداب الأوروبية، منذ أواخر القرن التاسع عشر، وينتشر بصفة خاصة فى أدب أمريكا الشمالية والفلكلور الأوروبى بوجه عام.
وقد استثمرت السينما العالمية ظاهرة "الجثث المتبلدة المتحركة" فى عدد وافر من الأفلام الذائعة، أشهرها فيلم "ليلة الحى الميت" للمخرج الشهير "جورج روميرو" عام 1968، ودون أية ديباجة أو مقدمة أقول، إن السمات التى خلعتها كاميرا المخرج النابه "روميرو" على شخصيات الزومبى المقبضة الناضحة بالكآبة والتبلد وغياب أية سمة انفعالية، تكاد أن تنطبق على وجوه المصريين فى الشوارع والأسواق ومحال "السوبر ماركت" هذه الأيام، لا انفعال على الوجه، ولا تأوه أو إبراز لأى ضيق ظاهر، أو تفريغ مؤقت لشحنة الألم والكمد، لا صوت يبدو محسوسًا، لا تحرك لأية عضلة بالوجه، لا وضوح لأى انفعال فى حركة العين فى مآقيها بل استتار غامض خلف نظرة زجاجية خالية من أى دلالة محددة، أو تصور واضح لحلول أو مستقبل.ثمة ملايين متدفقة فى الشوارع، من الكائنات الزومبى، التى لم تعد تتألم _ وفق المفاهيم النمطية _ بسبب توالى الصدمات، والضربات الاجتماعية الصاعقة، والارتفاعات المتهوسة المباغتة (حتى فى الأعياد والمواسم!) فى الأسعار بطريقة تتحدى أى منطق، وقد طالت منحنيات الغلاء كل شيء، خصوصًا الوقود والغذاء والخدمات، بدرجة شلت جهود الخبراء الاقتصاديين عن أى تحليلات مستقبلية واضحة، يمكن أن يشتم منها رائحة أمل! وبقى سؤال المعاهد والخبراء (للمرة المائة)، وهو السؤال القديم/ الجديد منذ فترة: "علامَ تراهن بالضبط هذه السلطة؟ وما الذى ينتظره وزراؤها المشغولون بعزف أغنية "الصب" فى مصلحة المواطن بالأرغول والطبول؟ وما نهاية هذا الطريق، ولو بالخيال السياسى والاقتصادى المحدود؟ وحتى متى سيتحمل "ملح الأرض" من البسطاء والطبقات المتوسطة والدنيا، بحيث تستقبل ظهورهم المنحنية مزيدًا من الأحمال؟ وهل يمكن أن يكون تكسير عظام الظهر بهذه الطريقة العمياء شكلًا من أشكال الإصلاح الاقتصادى الواعد أو المبشر أو المحتمل؟ وما دلالة هذه الحالة "الزومبية/ المتحجرة" التى تكسو الوجوه بدرجة مقلقة أو منذرة بمخاطر أو باعثة على التساؤل المتحير؟. الطبيعى عندما أسدد لك لكمة مؤلمة أن تفرج عن آهة ألم، والمنطقى حين أهوى بعصا أو هراوة على جسدك أن تحرر الألم فى شكل صرخة، والمتماشى مع المنطق حين يحزك نصل موسى أو سكين حاد، أن يسمع الناس لك ألمًا فى صورة صوت أو تعبيرات بالوجه من أى نوع، ولكن بالتفحص الدقيق، الذى أباشره منذ فترة فى "وجوه المصريين"، ألاحظ أن الحالة النمطية/ الطبيعية لـ"تحمل الألم" أو رمزيته أو ردة فعله، تغيب ويظهر _ بدلًا منها _ ملامح "حالة الزومبى" لا نظرة واضحة، لا رد فعل ملموسًا يمكن فهمه، لا إفراج عن أية أصوات بارزة للألم، لا تفريغ من أى نوع لشحنة توجع! ملايين زاحفة بطريقة متشابهة تجرجر أقدامها فى الشوارع، وتحصى ما بقى فى حافظة النقود، بذات النظرة "الزجاجية" التى لا تحمل أى تعبير واضح من أى نوع!. ضيقو الأفق وقصيرو النظر يمكن أن يقولوا: "هذه حالة هدوء مطمئن فى ردة الفعل.." ولكن أصحاب الرؤى الاقتصادية والنفسية العميقة فى فهم السلوك الإنسانى، أو المتسمة بقليل من العمق: "يقولون إن عدم التألم لضربة شديدة الإيجاع، وفق استجابات "الزومبى" مسلك يخرج عن الحالة الإنسانية الطبيعية! وقد يدل على التكتل التدريجى، لرد فعل مباغت أو بركانى أو انفجارى! وآمل من العقلاء فى مناطق صناعة القرار الاقتصادى بالخصوص أن يقرأوا _ بتمهل وعمق _ هذه السمة "الزومبية" غير المفهومة بوضوح فى ردة الفعل للمصريين بعد الزيادات الأخيرة فى الأسعار. فقد توقع المصريون _ مثالًا لا حصرًا _ أن تطرأ زيادات على الوقود أو بعض السلع بنسب تبقى فى الحدود "المحتملة" أو "المأمونة" (ثلاثة بالمائة مثلًا) ففوجئوا _ بعد زيادات الوقود _ بأسعار الحديد تراوح زياداتها بين عشرة بالمائة واثنتى عشرة بالمائة، وفوجئوا بأسعار "الطوب الطفلى" تقفز إلى أعلى لتلامس نسبة خمسة وأربعين بالمائة، وثمة توقعات بزيادة للأدوية تتراوح بين خمسة وثلاثين بالمائة، وخمسين بالمائة! فضلًا عن صعود أسعار الدواجن إلى قيمة تلامس نسبة عشرة بالمائة إلى عشرين بالمائة؟ وفى الإطار نفسه قفزت أسعار ركوب أتوبيسات هيئة النقل العام بالقاهرة بما قيمته خمسة وعشرون بالمائة! ولم تسلم شعائر المصريين من (المفرمة) حيث ارتفعت تكلفة الحج البرى بين اثنين بالمائة إلى ثلاثة بالمائة لكل حاج! وثمة توقعات بأن تقفز أسعار تذاكر القطارات إلى نسبة مائتين بالمائة! وتأتى الضربات المتلاحقة _ كسيل لكمات من قفاز "كلاى" _ وردود الأفعال دائرة فى إطار "حالة الزومبى"، أعنى التألم المكتوم أو غير المرئى؟! فهل يمكن الرهان _ بأى شكل _ على استمرار هذه المتوالية النارية؟! والمدهش الذى يضارع حالة الإدهاش فى وضعية "الزومبى"، هو طبيعة الآلية التى يتخذ بها القرار الاقتصادى، فقد خصص _ مثالًا لا حصرًا _ فى موازنة العام المالى الجديد نحوًا من 330 مليار جنيه للدعم، تشمل دعم الوقود والسلع الغذائية، فيما تم تخصيص 541 مليار جنيه لفوائد الدين الحكومى وحدها! أى أن المبلغ الأكبر ذهب فعليًا لخدمة الدين! فهل يا ترى انتقلت "حالة الزومبى" إلى بعض الوزارات، فأصبح الوزراء/ الزومبى، يوقعون القرارات بشكل آلى يخلو من التفاعل أو الانفعال أو الحس الإنسانى، أو حتى قليل من الخيال للمستقبل؟! حالة الزومبى الزجاجية أو المتحجرة هى التى لازمت اللاعب المصرى النابه "محمد صلاح" حين أحرز هدفه فى مرمى السعودية _ وكان المنتخب المصرى آنذاك متقدمًا _ فلم يصدر عن صلاح أية ردة فعل تشى بالارتياح _ ولا أقول الابتهاج _ بل استدار عائدًا إلى نصف ملعبه بصمت ونظرة ذاهلة ووجوم مقبض! وهى ردة الفعل نفسها حين سُئل أحد السائقين المصريين عن الزيادات الأخيرة، فرد دون تعبير أو انفعال أو غضب أو ارتياح أو تحريك لأية عضلة بالوجه: ".. أمر واقع.."!! ويبقى سؤال العقلاء: "ما ملامح المرحلة التى يمكن أن تعقب "مرحلة الزومبى"؟! وما مخاطرها المحتملة على وطن عصفت به الآلام، كما لم تعصف من قبل؟!