
تعرض زملاؤنا " عبد الرحمن مقلد " و " مدحت صفوت " و " و ماهر عبد الواحد " و غيرهم لحملة فرم وظيفي في ماكينة اليوم السابع ، و تم إقصاؤهم عن وظائفهم ، بعجرفة غريبة ، و سهولة مثيرة للاستغراب ، و قسوة ضارية لا يمكن تصديقها ! لا لشيء إلا لأنهم قالوا رأيا ً وطنيا ً _أايا ً ما كان الاتفاق أو الاختلاف معه _ في قضية وطنية عامة ، و عبروا عن بعض ما تجيش به صدورهم على صفحاتهم على الفيس ، و الأكثر غرابة أن يتهموا _ مع هذه المذبحة المعيشية / الوظيفية _ بتهمة " الإساءة إلى اليوم السابع " ! لا لشيء إلا لأن صحيفة " الأخبار " اللبنانية ، أشارت إلى الأمر في إحدى تغطياتها الصحفية ( و صحيفة الأخبار مدعومة من " حزب الله " ) ، و من ثم اتهم الصحفيون ، المبعدون _ بالقسر و الإكراه _ عن وظائفهم ، بالعمالة لدى " حزب الله " ، الذي لا يعرفونه ، و لم يقم أحدهم حتى بزيارة " بيروت " يوما ً ؟! يا سيد خالد صلاح ، لقد خرجت قراراتك الأخيرة ، فرمانا ً مميتا ً ، و كأنك ظل الله في الأرض ! و الأكثر غرابة أن يسعى الزملاء المبعدون في الحوار معك ، بشأن كتابة قرار رسمي واضح بفصلهم ، مذيلا ً أو مصحوبا ً بأسباب الفصل ، فلا يجدون منك إلا تبريرا ً غريبا ً ، بأن السيد " عبد الفتاح السيسي " هو المالك الحقيقي الآن للصحيفة و هذا هو قراره ! فبدا المسلك و كأنه محاولة ضحلة للتمسح بالرئاسة ، و إلصاق الأمر بها ، أو المزايدة على رغبتها و نهجها ، على حساب بيوت مفتوحة و بطون تنتظر طعاما ً ، و مصير وظيفي أصبح في مهب الريح !
قبل أسابيع كنا نستقبل الزميل " عبد الرحمن مقلد " في مقر الاتحاد الدولي للمبدعين / فرع القاهرة ، الذي أشرف برئاسته ، حيث احتفينا معه بديوانه الجديد : " مساكين يعملون في البحر " ، و كان الاحتفال حاشدا ً و راقيا ً ، و مضى " مقلد " يتلو قصائده على مسامعنا ، و مضى الجميع في الإشادة بتارخه المهني و النقابي ، و بجهده الإبداعي ، و لم يدر بخلدنا ، أن إدارة صحفية ، في مستهل الألف الميلادية الجديدة ، و في القرن الواحد و العشرين ، و في عهد الدساتير و المواثيق الدولية المانعة من القمع و الإقصاء ، ستقوم بعد أسابيع بحرمانه من حق التعبير عن الرأي و إقصائه من موقعه بهذا التوحش ؟! و حين مضى المبعدون إلى حاضنتهم الطبيعية ( نقابة الصحفيين ) لعرض الأمر تفصيلا ً ، غضب عليهم " خالد صلاح " غضبا ً عارما ً ، و زمجر في وجوههم قائلا ً : " ابقوا خلوا النقابة تنفعكوا ! .."
تذكر يا سيد خالد صلاح جزءا ً من تاريخك الصحفي ، منذ تخرجت في قسم الصحافة و الإعلام / جامعة القاهرة عام 1993 ، حتى تدرجت في سلك الصحافة ، صحفيا ً في صحيفة " العربي " المصرية ، ثم باحثا ً سياسيا ً في مركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية ، ثم " الأهرام العربي " ، قبل أن تعرف بعامودك الصحفي الثابت " يوم .. و يوم " ثم " " كلمة واحدة " ، و ما واجهته _ خلال هذه الفترة _ من حرب ضروس ضد الحريات الصحفية ، تذكر و أنت توقع قرار فصل الزملاء ، عقابا ً على رأيهم الصحفي و الوطني ، أنك اعتقلت عام 1987 ثلاث سنوات ، و كنت تذهب إلى الجامعة تحت الحراسة الأمنية المشددة ، فلماذا تذيق الآن زملاءك من الكأس المسمومة نفسها ؟! و هي كأس ستدور _ دون شك _ على الجميع ، متى خذلوا قضية الحريات المهنية و النقابية ، أو وقفوا متفرجين من مقاعد الجمهور و النظارة في مسرح تعش مشبع بروح المأساة التراجيدية الباكية !
ما الذي بقي ل " اليوم السابع " من الرصيد ، بعد أدائها الصحفي الذي توخى خيار " الانتحار المهني " ؟! فهي التي قالت عن جهاز الكفتة : " .. نسبة نجاحه خمس و تسعون بالمائة ! .. " ، و هي التي قالت عن " المؤتمر الاقتصادي الدولي لمساعدة مصر " عقب انعقاده بأربع و عشرين ساعة : " .. 90 مليار دولار حصاد اليوم الثاني للمؤتمر الاقتصادي !! .." و هي التي تحدثت عن ست و سبعين حالة " نكاح جهاد " في الميادين المعتصمة ! و هي التي تحدثت عما أسمته " معجزة " التفريعة بقناة السويس ، و عن دخول مصر " العصر النووي " ، و هي التي أقدمت إدارتها على مسح أو محو كل الآراء المعارضة أو المتحفظة من قبل القراء ، حتى في هوامش الأخبار ! و هي .. و هي ..، و يكفي أن أقول بأن عبارة : " قرأت الخبر في " اليوم السابع " ، قد أصبحت كفيلة بأن تجعل الناس يضحكون في كمهم ساخرين ، أو ينظرون بتشكك ، أو يصمتون في استياء ، بعد انحدر أداء الصحيفة و الموقع إلى مستوى تشهيري غير مسبوق ، يدخلها تحت خيمة " الصحافة الصفراء " ! و قد جربت شخصيا ً أداء الصحيفة المتهوس الهستيري ، حيت نشب نزاع قضائي بيني و بين أحد الصحفيين ، و أنصفني القضاء بحمد الله
و كانت اليوم السابع تقود _ آنذاك _ حملة ضارية مجنونة ضدي ، لم تقل فيها معلومة واحدة صحيحة ، و لم تعرض أيا ً من تفاصيل النزاع القضائي بأي توازن أو اعتدال ، و كانت تشهر طول الوقت بماكينة هسترية متهوسة ، لا هم لها إلا إلقاء الناس بالأوحال !
أتضامن مع " مقلد " و رفاقه في محنتهم ، لأنها في الأساس محنة الحريات و التعبير الصحفي ، و لا يسعنا إلا التضامن مع كل حر قال رأيا ً مستقلا ً ، و لم ينخرط في طابور حملة المباخر ، و الترس المسنونة ، التي نتعامى عن شجبها ، ظنا ً بأننا سننجو من ذبحها لرقابنا ، ستدور حتما ً لتطول رقابنا يوما ً ، يا سيد خالد صلاح ، جعلت من المحنة الأخيرة ، صفحة خلود ل " مقلد " و رفاقه ، و إشعارا ً نهائيا ً بسقوط تجربتك الصحفية ، التي أصرت ، في عناد أقرب إلى عناد الموت ، على أن تبقى في جراب الأنظمة ، بوقا ً لها ، ووحشا ً عقورا ً ينوش من يختلف معها !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق