مُدَونَة د. حُسَام عَقْل

15‏/07‏/2017

تعليقا ً على حريق " زينب البحراني " : .. لا تأخذوا الأشقاء بذنب الفاشلة !

كاتبة روائية سعودية ، محدودة الموهبة و القيمة ، خدعتنا برومانسيتها ( الكاذبة ) من خلال مجموعتها القصصية الضحلة : " فتاة البسكويت " ( 2008 ) ، فتصورنا _ برغم ضعف كتابتها الركيكة _ أنها  بالفعل " قطعة بسكويت " عاشقة راقية ، ذات قلب كبير ، مفتوح على حب البشر ، خال ٍ _ أو يكاد _ من التعالي و العنصرية ضد الشعوب ( خصوصا ً إذا كانت  شعوبا ً عربية ) تحاول من خلال فنها أن تبرأ من العقد و مركبات النقص أو الكراهية الطافحة ! تلك هي " زينب البحراني " ، لكننا كنا واهمين في ظننا ، ففي اللحظة المناسبة أزاحت " فتاة الفيس بوك " النشطة _  ابنة " الخبر " ميلادا ً و " الدمام " موطنا ً _  أقول أزاحت القناع الديكوري  الكاذب المتظاهر باللباقة المفتعلة و الأناقة المتكلفة و أرستقراطية الشوكة و السكين ، لتظهر صورتها الحقود الموتورة على حقيقتها بلا أي ماكياج أو أصباغ أو مساحيق ، متعجرفة إلى درجة المرض ، عنصرية إلى حد الحمى ، كارهة لمصر و شعبها إلى حد الهوس ، منتفخة بواقع الثراء النفطي و ثقافة " البترودولار " إلى حد الامتلاء ( السادي ) المريض . و كأنما انتظرت هذه الفرصة المواتية عمرا ً طويلا ً لتغمد سكين العنصرية المتورمة في أحشاء مصر ، الفكرة و الدولة و النموذج فتمزق اللحم و تطحن العظام بلا رحمة دون أن تجيبنا عن سؤال أساسي : " فيم أساءت لك مصر ؟!  و فيم آذاك المصريون حين خرجوا حاملين علما ً وطنيا ً صارخين باسم الجزيرتين ، دون أن يمسوا المملكة العربية السعودية بشتيمة أو سبة واحدة ، و فيديوهات التظاهرات موجودة موثقة جميعا ً على " اليوتيوب " ؟!
 صبت صبية الكتابة حقدها الطافح الأسود في مقال بعنوان : " ما يعرف و لا يقال " ، و نشرته بموقع : " جود نيوز الكندية " ، و المدهش أن الموقع الذي نشر المقال ، موقع مصري من ضمن عشرات المواقع الموجودة بالخارج ، فكيف سمح موقع مصري بنشر هذه " الحثالات العنصرية " الخالية من أية موضوعية أو قيمة ضد مصر ؟! و حتى يجيب المراقبون و المحللون ، أو حتى العرافون و ضاربو الودع عن هذا السؤال / اللغز ، دعونا نتابع فحوى المقال و مضامينه ، و تداعياته أيضا ً ! زعمت الكاتبة أن المصري يتظاهر بأنه " ثائر لكرامة أرضه " بينما هو مستعد لأن ينسى حديث الكرامة و الأرض ، إذا لوح له أحد ب " عقد عمل " مغر ٍ ! و مضت " الخنساء العبقرية " لتذكر المصريين جميعا ً بأن " فترة السبعينيات " قد طويت دون رجعة حيث تقول : " تجاوزنا فترة السبعينيات التي كان فيها المهندس أو المدرس المصري يعتبر كنزا ً ...! " و استدارت الفتاة _ بغريزة أسماك القرش المتعطشة لنكهة الدماء و رائحتها _ لتقول ( مخاطبة أي مصري ) بما يتجاوز الوقاحة : " .. هل تستطيع إرجاع المليارات التي تم دفعها نظير " تيران و صنافير " ؟ هل لو تم دفع مليار جنيه لكل مواطن مصري مقابل أن يترك مصر و يتخلى عن الجنسية المصرية ، و يأتي للإقامة في السعودية مقابل أن تأخذ السعودية مصر كلها ، و تسجلها باسمها ، هل سيرفض كل المصريين ؟ ! " ثم تعقب _ لا فض فوها _ قائلة : " ..السعودية سئمت من دفع الأموال دون مقابل ، و كان لا بد من اتفاقية تحل المشكلة ! ! "
 و بغض النظر عن أن بعض مقاطع المقال ، لا يكتبه _ بهذه الفجاجة _ إلا من عاقر حشيشا ً مغشوشا ً ، أو ابتلع كمية من أقراص " الترامادول " دفعة واحدة ، فإنني أحذر هنا من أن يعد موقف هذه الموتورة ، ممثلا ً للملايين من أصدقائنا في بلاد الحجاز الذين يحبون مصر بصدق ، و يدعون لها _ في ساعات السحر _  أن تخرج من محنتها الثقيلة ، و مازلت أذكر صديقي من الدمام _ موطن الهانم ! _ و هو يتحدث  عن أزمة مصر و دورها التاريخي ، و قد غلبته دموعه بصدق حي لم يبرح مخيلتي أو يفارق ذاكرتي ، و ثمة عشرات من الأصدقاء في المدينة و مكة و حائل و الرياض و غيرها من المدن  ، نلتقيهم فنأنس لديهم نفسا ً سمحة ، و لغة مهذبة ، و خطابا ً ودودا ً لا يعرف معنى التعالي . ( أتحدث إليكم من داخل مصر لا من داخل السعودية فلا أطمح من ثم في أية أسلاب أو غنائم ! )
 حين وصفت الروائية السعودية _ التي لا تمثل إلا نفسها _ ب " الفاشلة " لم أقصد التجريح فقد كتبت الفتاة التي سعت لإشعال النار ، سيرة ذاتية بعنوان : " مذكرات أديبة فاشلة " ( دار شمس / 2011 ) ، ثم عاودت إكمال سيرتها الذاتية في كتاب آخر بعنوان : " فاشلة تحت الصفر " ! ! و أصدقكم القول فقد راجعت لها بعض القصص في مجلة " أقلام جديدة " الأردنية ، و جريدة " الوطن " البحرينية ، فلم أجد إلا صفة واحدة تجمع كل هذه النصوص ، ( الفشل ) بأدق معاني الكلمة في الرؤية الفنية  المترهلة ، و الخيال المحدود و الأداء اللغوي ( الكارثي ) !
صبية الكتابة التي تسخر من المدرسين المصريين و تعتبرهم مجرد ماض ٍ ، تقول في المقال : " .. هل ملايين العاملين في السعودية ( مستعدين ) للعودة ؟ .." و أقول لها لو درسك اللغة العربية مدرس ( مصري ) ، لاستطعت أن تكتبي كلمة ( مستعدين ) في صورتها السليمة " مستعدون " و لما تعثرت في إعراب " خبر المبتدأ " ؟!
لا تمتين بصلة للمبدعين السعوديين و المبدعات السعوديات ، ممن نلتقيهم في الندوات فلا نأنس فيهم هذا الحقد العنصري الأسود الطافح ، و شخصيا ً استقبلت في " ملتقى السرد العربي " الذي أشرف بإدارته ، أدباء بوزن الصديق القاص المتألق صاحب الخلق " سيف المرواني " ، أو الرائعة حقا ً " نبيلة محجوب " ، أو المترجمة المتمكنة " تركية العمري " ، فلم أجد في هؤلاء إلا انفتاحا ً إنسانيا ً راقيا ً ، و لغة مهذبة ، و ثقافة عميقة ، و ترسيخا ً حيا ً لروح الأخوة الصادقة ، بعيدا ً عن أية نزعات للتعالي العنصري ، فمن أي رحم عنصري خرجت كلماتك العقور ؟!
 نؤمن ، في كل المراحل ، بأنه في دنيا الحضارات فالأيام دول لا تقر على قرار و لا تثبت على حال ، و للحضارة " دورات متعاقبة " _ كما يقول " ابن خلدون " _ فهي تعرف معنى المد و الانحسار ، القوة و الضعف ، التوهج و الخفوت ، و إذا قدر لمصر _ بسبب غباء السياسات و حماقة القرارات المرتجلة  _ أن تكون ( ضعيفة ) في المرحلة الحالية ، بما يغري بها صبية الكتابة ، فلدي أمل وطيد بقدرتها على تجاوز الجرح كما اعتادت في مراحلها التاريخية العصيبة .
 و لن أرتد هنا بالتاريخ إلى الوراء ، فأذكر ب " التكية المصرية " في مكة و قد تحدث عنها ، باستفاضة " إبراهيم رفعت باشا " في كتابه : " مرآة الحرمين " ، حيث كان يأوي إليها الفقراء من كل الجنسيات صباحا ً و مساء فيتلقون الأرغفة و الأرز و اللحوم و الحمص و السمن ، عطاء مصريا ً نبيلا ً لا يعرف العنصرية و المن و الأذى ، و لن أذكر ب " التكية المصرية " في المدينة _ و قد أنشأها " إبراهيم باشا " نجل " محمد علي " _ و كانت محلا ً مختارا ً للفقراء يتلقون من خلالها مؤونة مصرية سخية من القمح و اللحم و الغلال ، و لن أذكر ب " الكسوة المصرية " و " طلعة المحمل " ، أو بالقبلة الشهيرة التي طبعها الملك " عبد العزيز آل سعود " على يد " الملك فاروق " امتنانا ً للعطاء المصري  النزيه الذي تمثله شقيقة كبرى نذرت نفسها لأخواتها بصدق ، و هي أمور ما فكر المصريون يوما ً أن يخرجوها من صندوق الذكريات ، لأن المصري و السعودي يفترض أن يكونا شقيقين في رحلة عربية عصيبة واحدة ، تحفها الأخطار المزلزلة من كل الجهات و لا مجال لأن نلتفت فيها للأعشاب الطفيلية عديمة الفائدة ، و لا يتعين أن نسمح للصغار و الصغيرات بإشعال المواقف باستخفاف أو بوضاعة !
 و لا أستطيع ، بالقطع ، أن أمنع نفسي من الغضب الشديد بإزاء من أوصل الدولة المصرية _ بالسياسات الرعناء _ إلى هذا المنحدر الذي لم يخطر لنا في بال أو في كابوس ، لكنني موقن أن مصر العظيمة أكبر بكثير من سياسات السلطة الحالية التي تعكس تقازما ً لا يمكن تصديقه ، و لكن يبقى _ في الختام _ أن أقول ل " فتاة البسكويت " إن الضمير المصري الشعبي ، الذي عبر عن نفسه كالإعصار من خلال صفحات الفيسبوك ، قد قالها لك بوضوح : " .. يا ابنة ( الأمس القريب ) مصر العظيمة تمرض ... و لا تموت " !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق